. عقوبة تارك الصلاة
ما صحة حديث: (( من
تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة.. ستة منها في الدنيا .. وثلاثة
عند الموت .. وثلاثة في القبر وثلاثة عند خروجه من القبر .
آما الستة التي تصيبه في الدنيا .... فهي ينزع الله البركة من عمره . يمسح الله سمات الصالحين من وجهه ...... إلخ "
سئل سماحة الإمام عبدالعزيز ابن باز ـ رحمه الله ـ :
السؤال :
الأخ (خ.ن.ن) من الرياض أرسل إلينا رسالة ومعها نسخة من ورقة توزع بين
الناس، وتتضمن حديثاً منسوباً للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((من تهاون
بالصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة..)) إلى آخر ما جاء في الورقة، ويسأل
عن صحة ذلك الحديث؟
الجواب :
هذا الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، لا أساس له من الصحة، كما
بين ذلك الحافظ الذهبي رحمه الله في "الميزان" والحافظ ابن حجر في "لسان
الميزان" .
فينبغي لمن وجد هذه الورقة أن يحرقها، وينبه من وجده يوزعها؛ دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم من كذب الكذابين.
وفيما ورد في القرآن العظيم
والسنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم شأن الصلاة والتحذير
من التهاون بها ووعيد من فعل ذلك ما *يشفي ويكفي، ويغني عن كذب الكذابين،
مثل قوله سبحانه: {حَافِظُوا
عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ
قَانِتِينَ}[1]، وقوله سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ
أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ
غَيًّا}[2]، وقوله سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[3]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) أخرجه مسلم في صحيحه.
وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الصلاة يوماً بين أصحابه: ((من
حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها
لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان
وقارون وأبي بن خلف)) رواه الإمام أحمد بإسناد حسن.
قال بعض العلماء فى شرح هذا الحديث
وإنما يحشر يوم القيامة من
ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة؛ لأنه إن ضيعها بسبب الرئاسة شابه فرعون، ومن
ضيعها بسبب الوزارة والوظائف الأخرى شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه يوم
القيامة إلى النار، ومن ضيعها بسبب المال *والشهوات شابه قارون الذي خسف
الله به وبداره الأرض، بسبب استكباره عن اتباع الحق، من أجل ماله الكثير
واتباعه الشهوات فيحشر معه إلى النار، وإن ضيعها بسبب التجارة وأنواع
المعاملات شابه أبي بن خلف - تاجر أهل مكة - من الكفرة، فيحشر معه يوم
القيامة إلى النار. نسأل الله العافية من حالهم وحال أمثالهم.
------------------------
[1] سورة البقرة الآية 238.
[2] سورة مريم الآية 59.
[3] سورة الماعون الآيتان 4 – 5.
المصدر :
نشرت في مجلة الدعوة في العدد (929) بتاريخ 12/5/1404هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد العاشر.
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة الرابط للتسجيل اضغط هنا]
وكذلك أصدرت " اللجنة الدائمة " فتوى برقم 8689 ببطلان هذا الحديث كما في " فتاوى اللجنة " ( 4 / 468 )
ومما ورد في الفتوى مما يحسن ذكره قول اللجنة :
( ... وإن فيما جاء عن الله وعن رسوله في شأن الصلاة
وعقوبة تاركها ما يكفي ويشفي ، قال تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين
كتاباً موقوتاً ) النساء / 103 ، وقال تعالى عن أهل النار : ( ما سلككم في
سقر قالوا لم نك من المصلين ... ) المدثر 42 – 43 ، فذكر من صفاتهم ترك
الصلاة ... ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة
فمن تركها فقد كفر ) رواه الترمذي ( 2621 ) والنسائي ( 431 ) ، وابن ماجه
( 1079 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2113 ) ، والآيات والأحاديث من
ترك الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه كفراً .
وقال الشيخ الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - :
هذا الحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يحل لأحد نشره إلا مقروناً ببيان أنه موضوع حتى يكون الناس على بصيرة
منه .
" فتاوى الشيخ الصادرة من مركز الدعوة بعنيزة " ( 1 / 6 ) .
__________________________________________________ ____
[center][5]- النمل الآية 65.
[6]- المائدة الآية 117.
[7]- الأعراف الآية 21.
وقال الشيخ الإمام محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ :
وفي هذه
الأيام أيضا انتشرت وصية لم تزل تأتي حيناً بعد حين وهي وصية لشخص ادعي
اسمه أحمد وأنه خادم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه رأى النبي صلى
الله عليه وسلم فذكر له أشياء وأنه قال إن من حافظ على هذه الوصية وقرأ
الفاتحة لروح النبي صلى الله عليه وسلم فله كذا وكذا ومن لم يحافظ عليها
فإنه يجد نكبة في أهله أو ماله .
هذه وصية أيها الأخوة وصية مكذوبة لا يجوز لأحد أن يصدقها ولا يحل لأحد أن ينشرها .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) وقال : (من حدّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) .
إذا حدث أحد بهذه الوصية وهو يرى أنها كذب كان كاذبا على النبي صلى الله عليه وسلم وكان داخلا في قوله ( فليتبوأ مقعده من النار ) .
أيحب أحد منكم أن يدخل النار؟ لا. لا أحد يحب منا أن يدخل النار بل كلنا نسأل الله تعالى أن ينجينا من النار وأن يدخلنا الجنة .
إذا كان الأمر
كذلك فإن من نشر هذه الوصية بعد علمه أنها كذب كان قد تبوأ مقعده من النار
ولا يحل لأحد أن ينشرها إلا إذا كتب فيها أنها وصية مكذوبة لا يجوز العمل
بها ولا تطبيقها .
وإني أطلب ممن
يسمع كلامي هذا أن ينشره جزاه الله خيرا بين جميع الناس الذين يغترون بهذه
الوصية حتى ينال أجر الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كانت
هذه الوصية تروج منذ أكثر من مائة سنة فقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا العالم
المصري المشهور الذي كان من مواليد سنة ألف ومائيتي وإثنتين وثمانين ذكر
أن هذه الوصية كان يسمع بها منذ الصغر وبيّن رحمه الله أنها مكذوبة وأنه
سأل خدام الحرم في ذلك الوقت هل فيكم خادم يسمى أحمد فقالوا أبدا .
والمهم أن هذه الأكذوبة تروج حينا بعد حين إما عن سوء قصد أو عن سوء تصرف مع حسن القصد ولكن حسن القصد لا يبرر سوء التصرف .
المهم أن هذه الوصية مكذوبة وأنه لا يحل لأحد تطبيقها ولا يحل لأحد نشرها إلا إذا كتب تحتها إنها وصية مكذوبة .
ولقد كان
العلماء يكذبونها ولله الحمد إما في المجتمعات وإما على صفحات الصحف وإما
على المنابر ولم يصب أحد منهم ولله الحمد بأذى لا في نفسه ولا أهله ولا
ماله وهذا أكبر دليل على كذب هذه الوصية .
نسال الله أن يحمي شريعته من هولاء وأمثالهم .
أيها المسلمون
إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر
الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في
النار .
اللهم أعذنا من البدع والفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم أحفظنا في ديننا وأجعلنا من حفظة دينك المدافعين عنه يا رب العالمين
ربنا اغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــع
. إدعاء أن علياً ـ رضي الله عنه ـ حارب الجن كذب لا أصل له
سئل سماحة الإمام عبدالعزيز ابن باز ـ رحمه الله ـ :
السؤال : هل
صحيح أن الإمام علي رضي الله عنه حارب الجن حيث ورد في كتاب "غزوات الإمام
علي" ذلك، وأنه حاربهم حتى أوصلهم الأرض السابعة، فما هو رأيكم في هذا
الكتاب؟
الجواب :
كل هذا لا أصل له، فلم يحارب الجن ولم يقع شيء من ذلك، بل
هذا باطل ومن الكذب والموضوعات التي أحدثها الناس، وقد نص أبو العباس شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله على ذلك وقال: إنه كذب لا أصل له وهو من
الأباطيل التي افتراها الكذابون.
المصدر :
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع.
_____________________________
. بكاء النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع جبريل في ذكر النار
انظر هنا :
نصّ الحديث :
عن يزيد الرقاشي عن
أنس بن مالك قال : جاء جبريل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم في ساعة ما
كان يأتيه فيها متغير اللون فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم : " مالي
أراك متغير اللون ؟ " ، فقال : " يا محمد جئتك في الساعة التي أمر اللَّه
بمنافخ النار أن تنفخ فيها ، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق ، وأن النار
حق ، وأن عذاب القبر حق ، وأن عذاب اللَّه أكبر أن تقرّ عينه حتى يأمنها "
، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا جبريل ؛ صف لي جهنم ؟ قال : نعم ؛
إن اللَّه تعالى لما خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فأجمرت ، ثم أوقد عليها
ألف سنة فابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسودت ، فهي سوداء مظلمة لا
ينطفئ لهبها ولا جمرها ، والذي بعثك بالحق لو أن مثل خرم إبرة فتح منها
لاحترق أهل الدنيا عن آخرهم من حرها ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوباً من
أثواب أهل النار علق بين السماء والأرض لمات جميع أهل الأرض من نتنها
وحرها عن آخرهم لما يجدون من حرها ، والذي بعثك بالحق نبياً لو أن ذراعاً
من السلسلة التي ذكرها اللَّه تعالى في كتابه وضع على جبل لذاب حتى يبلغ
الأرض السابعة ، والذي بعثك بالحق نبياً لو أن رجلاً بالمغرب يعذب لاحترق
الذي بالمشرق من شدة عذابها ، حرها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد وشرابها
الحميم والصديد وثيابها مقطعات النيران " لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ
لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ " [ الحجر : 44 ] من الرجال
والنساء ، فقال صلى اللَّه عليه وسلم : " أهي كأبوابنا هذه ؟ " ، قال : "
لا ؛ ولكنها مفتوحة بعضها أسفل من بعض من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة كل
باب منها أشد حراً من الذي يليه سبعين ضعفاً ، يساق أعداء اللَّه إليها
فإذا انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال والسلاسل فتسلك
السلسلة في فمه وتخرج من دبره ، وتغل يده اليسرى إلى عنقه وتدخل يده
اليمنى في فؤاده فتنزع من بين كتفيه وتشد بالسلاسل ، ويقرن كل آدمي مع
شيطان في سلسلة ويسحب على وجهه وتضربه الملائكة بمقامع من حديد " كُلَّمَا
أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا " [ الحج
: 22 ] ، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : " من سكان هذه الأبواب ؟ " ،
فقال : " أما الباب الأسفل ففيه المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ،
وآل فرعون واسمها الهاوية ، والباب الثاني فيه المشركون واسمه الجحيم ،
والباب الثالث فيه الصابئون واسمه سقر ، والباب الرابع فيه إبليس ومن تبعه
والمجوس واسمه لظى ، والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمة ، والباب
السادس فيه النصارى واسمه السعير ، ثم أمسك جبريل حياء من رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم ، فقال له عليه الصلاة والسلام : " ألا تخبرني من سكان
الباب السابع ؟ فقال : " فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبوا
، فخر النبي صلى اللَّه عليه وسلم مغشياً عليه ، فوضع جبريل رأسه على حجره
حتى أفاق ، فلما أفاق قال : يا جبريل عظمت مصيبتي واشتد حزني أو يدخل أحد
من أمتي النار ؟ قال : نعم ؛ أهل الكبائر من أمتك " ، ثم بكى رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم وبكى جبريل ، ودخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
منزله واحتجب عن الناس ، فكان لا يخرج إلا إلى الصلاة يصلي ويدخل ولا يكلم
أحداً ويأخذ في الصلاة ويبكي ويتضرع إلى اللَّه تعالى ، فلما كان اليوم
الثالث أقبل أبو بكر رضي اللَّه عنه حتى وقف بالباب وقال : " السلام عليكم
يا أهل بيت الرحمة ، هل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل ؟
فلم يجبه أحد فتنحى باكياً " ، فأقبل عمر رضي اللَّه عنه فوقف بالباب وقال
: " السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة هل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم من سبيل ؟ فلم يجبه أحد فتنحى وهو يبكي " ، فأقبل سلمان الفارسي حتى
وقف بالباب وقال : السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة ، هل إلى مولاي رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل ؟ فلم يجبه أحد فأقبل يبكي مرة ويقع
مرة ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب ثم قال : السلام عليك يا
ابنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، وكان علي رضي اللَّه عنه غائباً
فقال : يا ابنة رسول اللَّه إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قد احتجب
عن الناس فليس يخرج إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحداً ولا يأذن لأحد في
الدخول عليه، فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية وأقبلت حتى وقفت على باب رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم سلمت وقالت : يا رسول اللَّه أنا فاطمة
ورسول اللَّه ساجد يبكي فرفع رأسه وقال : ما بال قرة عيني فاطمة حجبت عني
افتحوا لها الباب ، ففتح لها الباب فدخلت فلما نظرت إلى رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم بكت بكاءاً شديداً لما رأت من حاله مصفراً متغيراً قد
ذاب لحم وجهه من البكاء والحزن، فقالت : يا رسول اللَّه ما الذي نزل عليك
؟ فقال : يا فاطمة جاءني جبريل ووصف لي أبواب جهنم ، وأخبرني أن في أعلى
بابها أهل الكبائر من أمتي فذلك الذي أبكاني وأحزنني . قالت : يا رسول
اللَّه كيف يدخلونها ؟ قال بلى تسوقهم الملائكة إلى النار ولا تسود وجوههم
ولا تزرق أعينهم ولا يختم على أفواههم ولا يقرنون مع الشياطين ولا يوضع
عليهم السلاسل والأغلال . قالت : قلت : يا رسول اللَّه وكيف تقودهم
الملائكة ؟ فقال : أما الرجال فباللحى وأما النساء فبالذوائب والنواصي ،
فكم من ذي شيبة من أمتي يقبض على لحيته ويقاد إلى النار وهو ينادي
واشيبتاه واضعفاه ، فكم من ذي شاب قد قبض على لحيته يساق إلى النار وهو
ينادي واشباباه وأحسن صورتاه ، وكم من امرأة من أمتي قد قبض على ناصيتها
تقاد إلى النار وهي تنادي وافضيحتاه وأهتك ستراه ، حتى ينتهي بهم إلى مالك
فإذا نظر إليهم مالك قال للملائكة : من هؤلاء ؟ فما ورد عليّ من الأشقياء
أعجب شأناً من هؤلاء لم تسود وجوههم ولم تزرق أعينهم ولم يختم على أفواههم
ولم يقرنوا مع الشياطين ولم توضع السلاسل والأغلال في أعناقهم ، فتقول
الملائكة هكذا أمرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة ، فيقول لهم مالك يا
معشر الأشقياء من أنتم ؟ " وروي في خبر آخر " أنهم لما قادتهم الملائكة
ينادون : " وامحمداه " ، فلما رأوا مالكاً نسوا اسم محمد صلى اللَّه عليه
وسلم من هيبته ، فيقول لهم : من أنتم ؟ فيقولون : نحن ممن أنزل علينا
القرآن ، ونحن ممن يصوم رمضان ، فيقول مالك : ما نزل القرآن إلا على أمة
محمد صلى اللَّه عليه وسلم فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا وقالوا : نحن من أمة
محمد صلى اللَّه عليه وسلم ، فيقول لهم مالك : أما كان لكم في القرآن زاجر
عن معاصي اللَّه تعالى ؟ فإذا وقف بهم على شفير جهنم ونظروا إلى النار
وإلى الزبانية قالوا : يا مالك ائذن لنا فنبكي على أنفسنا ، فيأذن لهم
فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع ، فيبكون الدم ، فيقول مالك : ما أحسن
هذا البكاء لو كان في الدنيا ، فلو كان هذا البكاء في الدنيا من خشية
اللَّه ما مستكم النار اليوم ، فيقول مالك للزبانية : ألقوهم ألقوهم في
النار ، فإذا ألقوا في النار نادوا بأجمعهم : " لا إله إلا اللَّه فترجع
النار عنهم " ، فيقول مالك : يا نار خذيهم ، فتقول : " كيف آخذهم وهم
يقولون لا إله إلا الله ؟ " ، فيقول مالك للنار : " خذيهم " ، فتقول : "
كيف آخذهم وهم يقولون لا إله إلا الله ؟ ، فيقول مالك : نعم بذلك أمر رب
العرش فتأخذهم ، فمنهم من تأخذه إلى قدميه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ،
ومنهم من تأخذه إلى حقويه ، ومنهم من تأخذه إلى حلقه ، فإذا هوت النار إلى
وجهه قال مالك : لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا ولا تحرق
قلوبهم فطالما عطشوا في شهر رمضان فيبقون ما شاء اللَّه فيها ، ويقولون :
يا أرحم الراحمين يا حنان يا منان ، فإذا أنفذ اللَّه تعالى حكمه قال : يا
جبريل ما فعل العاصون من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم ، فيقول : اللهم
أنت أعلم بهم ، فيقول : انطلق فانظر ما حالهم ، فينطلق جبريل عليه الصلاة
والسلام إلى مالك وهو على منبر من نار في وسط جهنم ، فإذا نظر مالك إلى
جبريل عليه الصلاة والسلام قام تعظيماً له فيقول : يا جبريل ما أدخلك هذا
الموضع ؟ فيقول : ما فعلت بالعصابة العاصية من أمة محمد ؟ فيقول مالك : ما
أسوأ حالهم وأضيق مكانهم قد أحرقت أجسامهم وأكلت لحومهم وبقيت وجوههم
وقلوبهم يتلألأ فيها الإيمان ، فيقول جبريل : ارفع الطبق عنهم حتى أنظر
إليهم ، قال : فيأمر مالك الخزنة فيرفعون الطبق عنهم ، فإذا نظروا إلى
جبريل وإلى حسن خلقه علموا أنه ليس من ملائكة العذاب ، فيقولون : من هذا
العبد الذي لم نر أحداً قط أحسن منه ؟ فيقول مالك : هذا جبريل الكريم على
ربه الذي كان يأتي محمداً صلى اللَّه عليه وسلم بالوحي ، فإذا سمعوا ذكر
محمد صلى اللَّه عليه وسلم صاحوا بأجمعهم وقالوا : يا جبريل أقرئ محمداً
صلى اللَّه عليه وسلم منا السلام وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينك
وأخبره بسوء حالنا ، فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي اللَّه تعالى فيقول
اللَّه تعالى : كيف رأيت أمة محمد ؟ فيقول : يا رب ما أسوأ حالهم وأضيق
مكانهم ، فيقول : هل سألوك شيئاً ؟ فيقول : يا رب نعم سألوني أن أقرئ
نبيهم منهم السلام وأخبره بسوء حالهم ، فيقول اللَّه تعالى : انطلق وأخبره
، فينطلق جبريل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو في خيمة من درة بيضاء
لها أربعة آلاف باب لكل باب مصراعان من ذهب ، فيقول : يا محمد قد جئتك من
عند العصابة العصاة الذين يعذبون من أمتك في النار وهم يقرءونك السلام
ويقولون : ما أسوأ حالنا وأضيق مكاننا فيأتي النبي صلى اللَّه عليه وسلم
إلى تحت العرش فيخر ساجداً ويثني على اللَّه تعالى ثناء لم يثن عليه أحد
مثله ، فيقول اللَّه تعالى : ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع ، فيقول : يا
رب الأشقياء من أمتي قد أنفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم فشفعني فيهم ، فيقول
اللَّه تعالى : قد شفعتك فيهم فائت النار فأخرج منها من قال لا إله إلا
الله ، فينطلق النبي صلى اللَّه عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى اللَّه
عليه وسلم قام تعظيماً له فيقول : يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟ فيقول :
ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم ، فيقول محمد صلى اللَّه عليه وسلم : افتح
الباب ، وارفع الطبق ، فإذا نظر أهل النار إلى محمد صلى اللَّه عليه وسلم
صاحوا بأجمعهم فيقولون : يا محمد ؛ أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا ،
فيخرجهم جميعاً وقد صاروا فحماً قد أكلتهم النار ، فينطلق بهم إلى نهر
بباب الجنة يسمى نهر الحيوان فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً جردا مردا
مكحلين وكأن وجوههم مثل القمر مكتوب على جباههم الجهنميون عتقاء الرحمن من
النار فيدخلون الجنة ، فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها
قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار وهو قوله تعالى : "
رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ " [ الحجر :
2 ] .
والحديثُ بهذا اللفظِ
ظاهرُ الكذبِ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ، ولو أن بعض ألفاظهِ
قد جاءت في أحاديث صحيحةٍ ، ولنا معه وقفات :
الوقفةُ الأولى :
من هو يزيدُ الرقاشي الراوي عن أنسِ بنِ مالك رضي اللهُ عنه ؟ وما هي حالهُ من جهةِ كلام أهلِ الجرحِ والتعديلِ فيه ؟
هو يزيدُ بنُ أبان الرَّقَاشي أبو عمرو البصري القاص من زهادِ البصرةِ . وكلامُ أهلِ العلم فيه طويل ، من ذلك :
قال البخاري : تكلم فيه شعبةُ . وقال أبو طالب : سمعتُ
أحمدَ بنَ حنبل يقول : " لا يكتبُ حديث يزيد الرقاشي . قلت له : فلم تُرك
حديثهُ ، لهوى كان فيه ؟ قال : لا ، ولكن كان منكر الحديثِ . وقال : شعبةُ
يحملُ عليه ، وكان قاصاً . وقال أبو حاتم : كان واعظاً بكاءً كثير
الروايةِ عن أنس بما فيه نظرٌ ، صاحبُ عبادةٍ ، وفي حديثهِ ضعفٌ .
وقد لخص ابنُ حبان الكلامَ فيه فقال : " كان من خيارِ
عبادِ اللهِ من البكائين في الخلواتِ والقائمين بالحقائق في السبراتِ ،
ممن غفل عن صناعةِ الحديثِ وحفظها ، واشتغل بالعبادةِ وأسبابها حتى كان
يقلبُ كلامَ الحسن فيجعله عن أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاجُ به ، فلا
تحلُ الروايةُ عنه إلا على سبيل التعجب " .
والخلاصةُ في حالِ الرجل ما يلي :
أولاً
: أنهُ قاصٌ . وقد أورده ابنُ الجوزي في كتابِ " القصاصِ والمذكرين " ( ص
265 ) ، والقصاصُ هم قومٌ كانوا يقصون القصصَ دون ذكرِ العلمِ المفيدِ ،
ثم غالبهم يخلطُ فيما يوردهُ ، واعتمد على ما أكثره محالٌ ، وأما القاصُ
الصادقُ فقد أثنى أحمدُ بنُ حنبل عليه فقال : " ما أحوج الناس إلى قاصٍ
صدوقٍ " .
وقد أفرد لهم ابنُ الجوزي في " تلبيس إبليس فصلاً بعنوان
: " ذكرُ تلبيسه على الوعاظِ والقصاصِ " ، ثم قال : " فمن ذلك أن قوماً
منهم يضعون أحاديث الترغيبِ والترهيبِ ، ولبس عليهم إبليس بأننا نقصدُ حث
الناسِ على الخيرِ ، وكفهم عن الشرِ ، وهذا افتئاتٌ منهم على الشريعةِ ،
لأنها عندهم – على هذا الفعلِ – ناقصةٌ تحتاجُ إلى تتمةٍ ، ثم نسوا قوله
صلى اللهُ عليه وسلم : " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا
فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار " .ا.هـ.
ثانياً :
أنه ممن اشتغل بالعبادةِ ، وقد تكلم أهلُ العلمِ في العبادِ والزهادِ ،
فعد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ أن لكثرةِ الغفلةِ أسباباً منها الاشتغال
عن حديثِ المصطفى صلى الله عليه وسلم بغيره ، فلا ينضبط له ككثيرٍ من أهلِ
الزهدِ والعبادةِ .
قال شيخُ الإسلامِ في " الفتاوى " (18/45) : الْخَطَأُ
فِي الْخَبَرِ يَقَعُ مِنْ الرَّاوِي إمَّا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا ؛
وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي الرَّاوِي الْعَدَالَةُ لِنَأْمَنَ مِنْ
تَعَمُّدِ الْكَذِبِ ، وَالْحِفْظِ وَالتَّيَقُّظِ لِنَأْمَنَ مِنْ
السَّهْوِ .
وَالسُّهُو لَةُ أَسْبَابٌ : أَحَدُهَا : الِاشْتِغَالُ
عَنْ هَذَا الشَّأْنِ بِغَيْرِهِ فَلَا يَنْضَبِطُ لَهُ كَكَثِيرِ مِنْ
أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ .ا.هـ.
ثالثاً :
كلامُ أبي حاتمِ في يزيد أنه كان كثيرَ الروايةِ عن أنس بما فيه نظر ،
وأيضاً كلامُ ابنِ حبانَ أنه يقلبُ كلامَ الحسن البصري فيجعله عن أنس ،
يبين أن روايته عن أنس رضي الله ُ عنه معلولةٌ ، وربما تكون من كلام الحسن
البصري وليس من كلام أنس رضي الله عنه .
الوقفةُ الثانيةُ :
الحديثُ بهذا السياقِ أوردهُ السمرقندي في " تنبيه الغافلين " ، وقد تكلم أهلُ العلم على الكتابِ .
قال الإمام الذهبي في ترجمته في السير (16/323) : صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) ... وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ .ا.هـ.
أما كتابه " تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء
والمرسلين " الذي جاء الحديث المذكور فيه فقد انتقده أهل العلم نقدا شديدا
، فالكتاب - أي " تنبيه الغافلين " - من مظان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة
، وإليك كلام أهل العلم في الكتاب لكي تكون أنت وغيرك على بينة من أمر
الكتاب .
وهذه النقولات من كتاب " كتب حذر منها العلماء (2/198 -200) .
قال الذهبي في " تاريخ الإسلام " في ترجمته ( حوادث 351 - 380 ) : وفي كتاب " تنبيه الغافلين موضوعات كثيرة .ا.هـ.
وقال أبو الفضل الغماري في " الحاوي " (3/4) : وكتاب " تنبيه الغافلين " يشتمل على أحاديث ضعيفة وموضوعة ، فلا ينبغي قراءته للعامة لا يعرفون صحيحه من موضوعه .ا.هـ.
وقد ذكر شيخ الإسلام في " الرد على البكري "
أن جمهور مصنفي السير والأخبار وقصص الأنبياء لا يميز بين الصحيح والضعيف
، والغث والسمين ، وذكر من بينهم أبا الليث السمرقندي ، وقال : " فهؤلاء
لا يعرفون الصحيح من السقيم ، ولا لهم خبرة بالنقلة ، بل يجمعون فيما
يروون بين الصحيح والضعيف ، ولا يميزون بينهما ، ولكن منهم من يروي الجميع
ويجعل العهدة على الناقل .ا.هـ.
وقال أيضا في " الفتاوى " في معرض
تضعيف حديث : وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي آدَمَ يَذْكُرُهُ
طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ وَمَا هُوَ مِنْ
جِنْسِهِ مَعَ زِيَادَاتٍ أُخَرَ كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ :
وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو اللَّيْثِ
السَّمَرْقَنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا " أَنَّ آدَمَ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ
قَالَ : اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي - قَالَ
وَيُرْوَى تَقَبَّلْ تَوْبَتِي - فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : مِنْ أَيْنَ
عَرَفْت مُحَمَّدًا ؟ قَالَ رَأَيْت فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْجَنَّةِ
مَكْتُوبًا : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ
وَيُرْوَى : مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي فَعَلِمْت أَنَّهُ أَكْرَمُ
خَلْقِك عَلَيْك ؛ فَتَابَ عَلَيْهِ وَغَفَرَ لَهُ " . وَمِثْلُ هَذَا لَا
يَجُوزُ أَنَّ تُبْنَى عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي
الدِّينِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ
الإسرائيليات وَنَحْوِهَا الَّتِي لَا تُعْلَمُ صِحَّتُهَا إلَّا بِنَقْلِ
ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .ا.هـ.
[color:132b="seagreen"]والشاهد قول شيخ الإسلام ابن تيمية : طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ . [/
COLOR] وقال حاجي خليفة في " كشف الظنون "
(1/478) : تنبيه الغافلين في الموعظة . لأبي الليث : نصر بن محمد الفقيه ،
السمرقندي ، الحنفي . المتوفى : سنة 375، خمس وسبعين وثلاثمائة . وهو مجلد
. أوله : ( الحمد لله الذي هدانا لكتابه... الخ ) . مرتب على : أربعة
وتسعين بابا . قال الذهبي : ( فيه موضوعات كثيرة ) .ا.هـ.
وقد حذر من هذا الكتاب -
تنبيه الغافلين - وغيره من الكتب الشيخ السلفي محمد بن أحمد بن محمد بن
عبد السلام الشقيري في كتابه " المحنة المحمدية في بيان العقائد السلفية "
( ص171 - 172) فقال تحت عنوان " كتب لا يحل قراءتها " في مبحث سبب انتشار
الحكايات والمنامات الفاسدة والخرافات الفاشية التي لم يعهد لها أصل في
كلام السلف الصالحين ، ولا في سنن سيد المرسلين ؛ قال : وإنما هي فاشية
بين العوام والجهلاء والطغام من كتب المناقب ككتاب " الروض الفائق " ، و "
روض الرياحين في مناقب الصالحين " و " ونوادر القليوبي " و " كرامات
الأولياء " و " ونزهة المجالس " و " وتنوير القلوب " ، و " تنبيه الغافلين
" ، وكذا كتب الشروح والحواشي الأزهرية ، وأمثال هذه الكتب لا تحوي سوى ما
يفسد عقائد العوام وبسطاء العقول ، وقد كان الواجب على علمائنا أن ينبهوا
العوام وبسطاء العقول ، وقد كان الواجب على علمائنا أن ينبهوا عليها في
الجرائد والمجلات وفي دروسهم ومؤلفاتهم ، إذ هي السبب الأعظم في إفشاء تلك
الخرافات بين العوام وفي عبادتهم لقبور الصلحاء ، فكان الواجب إيقاف طبعها
ومصادرة قراءتها دفعا لضررها وتطاير شررها ، ولكن علماءنا ماتوا والأحياء
لم يرج منهم أمر ولا نهي ؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون .ا.هـ.
وقد سئل فضيلةُ الشيخِ محمدُ بنُ صالح العثيمين عن الكتاب .
السؤال
: يسأل عن كتاب تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين تأليف
الفقيه الزاهد الشيخ نصر الدين محمد بن إبراهيم السمرقندي يقول : أسأل عن
هذا الكتاب والأحاديث التي وردت فيه هل هي صحيحة أفيدونا جزاكم الله خيرا
؟
الجواب :
وفيه أحاديث موضوعة ، ولهذا لا ينبغي قراءته إلا لطالب
علم يميز بين ما يقبل من الأحاديث التي فيه وما لا يقبل ليكون على بصيرة
من أمره ولئلا ينسب إلى رسول الله صلي الله علية وسلم ما لم يقله أو ما لا
تصح نسبته إليه فإن من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يرى أنه
كذب فهو أحد الكاذِبيَن وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من كذب
عليه متعمدا فليتبوأ مقعدا من النار فنصيحتي لمن ليس له علم بالأحاديث أن
لا يطلع على هذا الكتاب ، ومن عنده علم يميز بين المقبول وغير المقبول
ورأى في قراءته مصلحة فليفعل وإن رأى أنه يصده عن قراءة ما هو أنفع منه له
فلا يذهب وقته في قراءته .
الوقفةُ الثالثةُ :
الحديثُ ورد من طريقٍ آخر بلفظٍ مختصرٍ ، ونصهُ :
عن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي
كان يأتيه فيه ، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا
جبريل ؛ مالي أراك متغير اللون ؟! فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح
النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ؛ صف لي النار وانعت
لي جهنم . فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف
عام حتى ابيضت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم أمر فأوقد
عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها
، والذي بعثك بالحق لو أن ثقب إبرة فتح من جهنم لمات من في الأرض كلهم
جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب الكفار علق بين
السماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن
خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم
من قبح وجهه ومن نتن ريحه ، والذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل
النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لأرفضت وما تقارت حتى
تنتهي إلى الأرض السفلى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حسبي يا
جبريل ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي قال : تبكي
يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت فيه ؟ فقال : وما لي لا أبكي أنا
أحق بالبكاء ، لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها ، وما
أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة ، وما أدري لعلي
ابتلى بما ابتلي به هاروت وماروت ، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبكى جبريل ، فما زالا يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل ويا محمد إن الله
قد أمنكما أن تعصياه " .
أخرجهُ الطبراني في " الأوسط " (4840 – مجمع البحرين) ،
وأورده العلامةُ الألباني – رحمهُ اللهُ - في " الضعيفة " (1306 ، 4501) ،
وفي " ضعيف الترغيب والترهيب " (2125) وحكم عليه بالوضعِ في المواضعِ
الثلاثةِ ، وفي سندهِ سلامُ الطويل وهو متهمٌ بالكذبِ .
والحديثُ فيه علةٌ أخرى ربما لم ينتبه لها الشيخُ ، أو أنهُ اكتفى بعلةِ الكذابِ الذي فيوعمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنه .
وأكتفي بهذه الوقفاتِ ، وأسألُ اللهَ أن يرينا الحقَ حقاً ويرزقنا اتباعهُ ، ,أن يرينا الباطلَ باطلاً ويرزقنا اجتنابهُ .
كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل
_____________________________
5. موضوع هل تريد أن يصلي عليك 70 ألف ملك ؟!
[size=16][color=#ff0000]عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من
قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ
ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلو
ن عليه حتى
يمسي وان مات في ذلك اليوم مات شهيدا , ومن قالها حين يمسي كان له بتلك
المنزلة .
هذا الحديث رواه الترمذي في كتاب فضائل القرآن ، باب فيمن قرأ حرفا من القرآن ماله من الأجر رقم (2922) .
والإمام أحمد في مسنده رقم (19795)
وفي سنده خالد بن طهمان قال عنه ابن حجر: صدوق رمي بالتشيع ثم اختلط .
تقريب التهذيب (1644) .
قال عنه الإمام الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه - سنن الترمذي : 2922 .
وضعّفه الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في الأذكار .
وقال عنه الإمام الذهبي : غريب جدا . انظر : ميزان الاعتدال - 1/632 .
وضعّفه الإمام الشوكاني في تحفة الذاكرين .
وضعفه الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ انظر ضعيف أبو داود (2922) .
________________________________________________
[center]6 ـ قِصةٌ لا تثبتُ عن الصحابي " ثعـلبةُ بنُ عبد الرحمن الأنصاري
بسم الله الرحمن الرحيم
احذرْ مِـن هذه القصة ولا تروهـا إلا بشرطٍ ....
قِصةٌ لا تثبتُ عن الصحابي " ثعـلبةُ بنُ عبد الرحمن الأنصاري "
الحمد الله وبعد ؛
وصلتني رسالة على بريدي
الإلكتروني وفيها قصة موت أحد الصحابة وهو " ثعلبة بن عبد الرحمن الأنصاري
– رضي الله عنه – " ، وقد بحثت عن صحة نسبة القصة إلى ذلك الصحابي وإليكم
ما جاء فيها ، مع بيان مدى ثبوتها .
نـصُ الـقـصـةِ :
عن جابر : أن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبدالرحمن
أسلم ، وكان يخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فبعثه في حاجة ، فمر بباب
رجل من الأنصار ، فرأى امرأة الأنصاري تغتسل فكرر إليها النظر ، وخاف أن
ينزل الوحي ، فخرج هارباً على وجهه ، فأتى جبالا بين مكة والمدينة ،
فوجلها ففقده النبي صلى اللّه عليه وسلم أربعين يوماً ، وهي الأيام التي
قالوا : ودعه ربه وقلى ، ثم أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى اللّه
عليه وسلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : إن الهارب من أمتك
بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : يا عمر
، ويا سلمان انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبدالرحمن فخرجا في أنقاب المدينة ،
فلقيا راعياً من رعاة المدينة يقال له : ذفافة فقال عمر له : يا ذفافة هل
لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة بن عبدالرحمن ، فقال له ذفافة :
لعلك تريد الهارب من جهنم ، فقال له عمر : وما علمك أنه هارب من جهنم ،
قال : لأنه إذا كان جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعاً يده على
رأسه وهو ينادي ياليتك قبضت روحي في الأرواح ، وجسدي في الأجساد لم تجردني
لفصل القضاء ، فقال له عمر : إياه نريد ، فانطلق بهما فلما كان في جوف
الليل خرج عليهم من تلك الجبال واضعاً يده على أم رأسه وهو ينادي : يا ليت
أن قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد لم تجردني لفصل القضاء ، قال :
فغدا عليه عمر فاحتضنه فقال له : الأمان الخلاص من النار ، فقال له : عمر
بن الخطاب ! قال : نعم . فقال له : يا عمر ؛ هل علم رسول اللّه صلى اللّه
عليه وسلم بذنبي ؟ فقال : لا علم لي أنه ذكرك بالأمس فأرسلني أنا وسلمان
في طلبك ، فقال : يا عمر لا تدخلني عليه إلا وهو يصلي ، إذ بلال يقول : قد
قامت الصلاة ، قال : أفعل . فأقبلوا به إلى المدينة ، فوافوا رسول اللّه
صلى اللّه عليه وسلم وهو في صلاة الغداة فابتدر عمر وسلمان الصف فلما سمع
قراءة النبي صلى اللّه عليه وسلم خر مغشياً عليه فلم سمع النبي صلى اللّه
عليه وسلم قال : يا عمر ويا سلمان ما فعل ثعلبة ، قالا : هو ذا يا رسول
اللّه فقام النبي صلى اللّه عليه وسلم قائماً فحركه فانتبه فقال : يا
ثعلبة ما غيبك عني ، قال : ذنبي يَا رَسُولَ اللّه ، قال : أفلا أدلك على
آية تمحوا الذنوب والخطايا ، قال : بلى يا رسول اللّه ، قال : " رَبَّنَا
آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ " [ البقرة : 201] قال : ذنبي أعظم يا رسول اللّه ، فقال
رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : بل كلام اللّه أعظم ، ثم أمره بالإنصراف
إلى منزله فمرض ثمانية أيام ثم إن سلمان أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه
وسلم فقال : يا رسول اللّه هل لك في ثعلبة فإنه ألم به فقال النبي صلى
اللّه عليه وسلم : قوموا بنا إليه فدخل عليه فأخذ رأسه فوضعه على حجره
فأزال رأسه عن حجر النبي فقال : لم أزلت رأسك عن حجري قال : إنه ملآن من
الذنوب ، قال : ما تشتكي ؟ قال : أجد مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي
، قال : ما تشتهي ؟ قال : مغفرة ربي ؛ فنزل جبريل فقال : يا محمد إن ربك
يقرئك السلام ويقول : لك لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته
بقرابها مغفرة فأعلمه النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ففاضت نفسه ، فأمر
بغسله وتكفينه ، فلما صلى عليه جعل يمشي على أطراف أنامله فلما دفنه قيل
له : يَا رَسُولَ اللّه رأيناك تمشي على أطراف أناملك ، قال : والذي بعثني
بالحق ماقدرت أن أضع قدمي على الأرض من كثرة أجنحة من نزل من الملائكة
لتشيعه .
سـنـدُ الـقـصـةِ :
أورد السيوطي في " اللآلى المصنوعة " (2/307) سند القصة فقال :
( أبو نعيم ) حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد ، حدثنا
موسى بن هارون ومحمد بن الليث الجوهري قالا : حدثنا سليم بن منصور بن عمار
، حدثنا أبي ، حدثنا المنكدر بن محمد المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر به .
عِـلـلُ الـقـصـةِ : هذه القصة فيها ثلاثُ عللٍ :
الـعِـلـةُ الأولـى :
عِـلـةٌ إسـنـاديـةٌ :
وهذا السند مسلسل بالضعفاء :
ذكره الإمام الذهبي في " الميزان " (3/460-461) فقال : "
... روى مناكير عن مجاهيل ... وقد حدث عنه البرقاني في صحيحه مع اعتذاره
واعترافه بأنه ليس بحجة ... وقال أبو الوليد الباجي : أنكرت على أبي بكر
المفيد أسانيد أدَّعَاها .
قلت ( الذهبي ) : مات سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة ، وله أربع وتسعون سنة . وهو متهم .ا.هـ.
وقال أيضا في سير أعلام النبلاء (16/269) فقال : الشيخ الإمام ، المحدِّث الضعيف .
وقال في " تذكرة الحفاظ " (3/979) : وقال الماليني : كان المفيد رجلا صالحا . قلت : لكنه متهم .
فـائـدةٌ :
قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " (3/979) :
وقال الخطيب : حدثني محمد بن عبد الله عنه أنه قال : موسى بن هارون سماني المفيد .
قلت ( الذهبي ) : فهذه العبارة أول ما استعملت لقبا في
هذا الوقت قبل الثلاث مئة ، والحافظ أعلى من المفيد في العرف ، كما أن
الحجة فوق الثقة .ا.هـ.
قال عنه الذهبي في " الميزان " (2/232) : عن ابن عُلية
وجماعة . قال ابن أبي حاتم : قلت لأبي : أهل بغداد يتكلمون ؟ فقال : مه ،
سألت ابن أبي الثلج عنه فقلت : يقولون : كتب عن عليه وهو صغير . فقال : لا
.ا.هـ.
وقال في " المغني في الضعفاء " (1/285) : سُليم بن منصور بن عمار ، عن ابن علية ، تُكلم فيه ولم يترك .ا.هـ.
وقال في " ديوان الضعفاء " ( ص 177) : سُليم بن منصور بن عمار عن أبيه . تكلم فيه بعض البغدادين .ا.هـ.
قال عنه الذهبي في " الميزان " (4/187-188) : الواعظ ،
أبو السري ... قال أبو حاتم : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : منكر الحديث .
وقال العقيلي : فيه تجهم . وقال الدارقطني : يروي عن الضعفاء أحاديث لا
يتابع عليها .ا.هـ.
ثم قال الذهبي في آخر ترجمته : وساق له ابن عدي أحاديث تدل على أنه واهٍ في الحديث .ا.هـ.
وقد أعل العلامة الألباني في " الضعيفة " (4/359 رقم 1884) حديثا في سنده سُليم بن منصور وأبوه .
فـائـدةٌ :
قال ابن عدي في " الكامل " (6/395) عند آخر ترجمة منصور بن عمار :
وكان يُعطى على الوعظ الحسن مالٌ .ا.هـ.
وقال الذهبي في " الميزان " في ترجمة منصور بن عمار :
وإليه كان المنتهى في بلاغة الوعظ ، وترقيق القلوب ، وتحريك الهمم ، وعظ ببغداد والشام ومصر ، وبعد صيته واشتهر اسمه .ا.هـ.
ذكره المزي في " تهذيب الكمال " (28/564-565) وأورد جملة من كلام علماء الجرح والتعديل ومنها :
قال البخاري : قال ابن عيينة : لم يكن بالحافظ .
وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ليس بشيء .
وقال مرة : ليس به بأس .
وقال أبو زرعة : ليس بالقوي .
وقال أبو حاتم : كان رجلا لا يفهم الحديث ، وكان كثير الخطأ ، لم يكن بالحافظ لحديث أبيه .
وقال الجوزجاني والنسائي : ضعيف .
ولخص الحافظ ابن حجر في " التقريب " الحكم عليه فقال : لين الحديث .
وذكر السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (2/307) طريقيين تلتقي عند سليم بن منصور به فقال :
ورواه أبو عبد الرحمن السلمي عم جده اسماعيل بن نجيد ، عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي ، عن سليم وهؤلاء لا تقوم بهم حجة .
قلت : ورواه الخرائطي في اعتلال القلوب حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد حدثنا إبراهيم بن علي الأطروش حدثنا سليم بن منصور به .ا.هـ.
فتبقى علة الحديث قائمةً من عند سليم بن منصور بغض النظر عما قبله من الرجال .
1 - أبو بكر محمد بن أحمد المفيد الجَرْجَرائي . 2 - سُليم بن منصور
بن عمار ، أبو الحسن . 3 - منصور بن عمار الواعظ . 4 - المنكدر بن محمد بن
المنكدر القرشي . الـعـلـمـاءُ الذين أعـلـوا الـقصـةَ :
قال ابن الأثير في أسد الغابة " (1/290) بعد أن أرود القصة في ترجمة " ثعلبة بن عبد الرحمن " :
قلت : أخرجه ابن مندة وأبو نعيم ، وفيه غير إسناده ، فإن
قوله تعالى : " " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] نزلت
في أول الإسلام والوحي ، والنبي بمكة ، والحديث في ذلك صحيح ، وهذه القصة
كانت بعد الهجرة ، فلا يجتمعان .ا.هـ.
وأعل الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (2/23) القصة فقال عند ترجمة الصحابي " ثـعـلـبـة ":
يقال إنه كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم .
روى بن شاهين وأبو نعيم مطولا من جهة سليم بن منصور بن
عمار ، عن أبيه ، عن المنكدر بن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر : أن
فتى من الأنصار يقال له : ثعلبة بن عبدالرحمن كان يخدم النبي صلى الله
عليه وسلم ، فبعثه في حاجة ، فمر بباب رجل من الأنصار فرأى امرأته تغتسل
فكرر النظر إليها ، ثم خاف أن ينزل الوحي فهرب على وجهه حتى أتي جبالا بين
مكة المدينة فقطنها ففقده النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وهي
الأيام التي قالوا : ودعه ربه وقلاه ، ثم إن جبريل نزل عليه فقال : يا
محمد أن الهارب بين الجبال يتعوذ بي من النار ، فأرسل إليه عمر فقال :
انطلق أنت وسلمان فائتياني به فلقيها راع يقال له : دفافة فقال : لعلكما
تريدان الهارب من جهنم فذكر الحديث بطوله في اتيانهما به ، وقصة مرضه ،
وموته من خوفه من ذنبه .
قال بن منده بعد أن رواه مختصرا : تفرد به منصور .
قلت : وفيه ضعف ، وشيخه أضعف منه ، وفي السياق ما يدل على
وهن الخبر لأن نزول " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ]
كان قبل الهجرة بلا خلاف .ا.هـ.
وقال السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (2/307) :
موضوع . المنكدر ليس بشيء ، وسليم تكلموا فيه ، وأبو بكر المفيد ليس بحجة ، وليس في الصحابة من اسمه ذفافة .
وقوله تعالى : " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] إنما نزل بمكة بلا خلاف .ا.هـ.
الـعِـلـةُ الـثـانـيـةُ : عِـلـةٌ فـي الـمـتـنِ :
أن قوله تعالى : " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [
الضحى : 3 ] نزلت في مكة ، والقصة في المدينة ، وهذه علة ترد بها القصة ،
ولهذا أشار إلى ذلك ابن الأثير والسيوطي .
قال ابن الأثير في أسد الغابة " (1/290) :
وفيه غير إسناده ، فإن قوله تعالى : " " مَا وَدَّعَكَ
رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] نزلت في أول الإسلام والوحي ، والنبي
بمكة ، والحديث في ذلك صحيح ، وهذه القصة كانت بعد الهجرة ، فلا يجتمعان
.ا.هـ.
وقال السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (2/307) :
وقوله تعالى : " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] إنما نزل بمكة بلا خلاف .ا.هـ.
الـعِـلـةُ الـثـالـثـةُ :
عـدم ورود صـحـابـي باسم " ذفـافـة " أو " دفـافـة " :
لا يوجد في الصحابة من اسمه " ذفافة " أو " دفافة " وقد ترجم الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (3/195 ، 208) لكليهما فقال :
دفافة الراعي . تقدم ذكره في ترجمة ثعلبة بن عبدالرحمن ذكره بن الأثير في المعجمة .ا.هـ.
وقال أيضا :
ذفافة الراعي . له ذكر في ترجمة ثعلبة بن عبدالرحمن
استدركه بن الأمين وابن الأثير في حرف الذال المعجمة وقد أشرت إليه في
المهملة .ا.هـ.
وترجم ابن الأثير في أسد الغابة (2/186) لـ " ذفافة "
فقال : ذفافة . له في ذكر حديث ثعلبة بن عبد الرحمن يقتضي أن لهما صحبة .
وقد ذكرناه في ثعلبة بن عبد الرحمن . ولم يذكروه .ا.هـ.
وبعد هذا التخريج للقصة ، وعدم ثبوتها ، فلا عليك - أخي
المسلم – إلا إذا وصلتك على بريدك الإلكتروني أن ترسل ردا لراسلها ، وهذا
الرد يتمثل رابط تخريج القصة تحذيرا له من الكلام في حق الصحابة بغير دليل
، لأنهم هم الذين نقلوا لنا الشريعة فكيف يكون لنا أن ننسب لهم مثل هذه
القصص ؟
كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل
[/center]
[/size]
[/center]