كعادتي وعادة الأمهات دومًا.. أصدرت الأوامر لطفلي ليترك السيارة التي كان يلعب بها؛ ليقوم باللعب بالبازل, فمردوده التعليمي على الطفل أفضل من لعبه بسيارة تصدر أصواتًا مزعجة.
أمي: لماذا بازل؟.. أريد أن ألعب بالسيارة.
قلت له: كلا.. يجب أن تلعب بالبازل. ولست مضطرة لأن أشرح لك الأسباب, عليك التنفيذ وفقط, وكل ما يجب أن تعرفه أن هذا سيعود عليك بالنفع يومًا ما؟!
انصاع لأوامري.. ووقف طفلي أمام البازل حائرًا.
وجده في كيس من البلاستيك الشفاف وفقط.. دون أي معالم أخرى
سألني: أمي.. كيف أبدأ اللعب به؟
قلت له: اجلس على طاولتك وابدأ في التركيب.
سمع وأطاع.. ذهب إلى غرفته.. غاب وقتًا ليس بالقليل..
ثم أتى إليَّ وعلى وجهه ألف علامة استفهام, وكأنه يقول لي: إن الأمر صعب.. ساعديني!.
ولأني فهمت ما يريده, أجبته بما سيساعده حتمًا.
نصحته قائلةً: بني.. ضع القطع ذات اللون الأزرق على اليمين ثم أكمل..
غاب برهة من الوقت.. ثم جاء فرحًا..
أماه: لقد أكملت ونفذت ما نصحتِ به. ما هي الخطوة القادمة؟
قلت له: ضع القطع ذات اللون البني في الأسفل..
غاب.. ثم عاد.. مرارًا وتكرارًا.. ضقت به ذرعًا..
هل سأنفق كل وقتي لأشرح له كيف ينجز عمله,
أين الذاتية؟ أين المبادرة؟
كل هذه السن وكل هذه النصائح التي منحته إياها ولا يتقدم!.
وجدته واقفًا أمامي مرةً أخرى:
أماه.. لقد مللت، لا أستطيع مواصلة اللعب.
قلت له: عليك بالمواصلة.. حاول.. أنت تستطيع، ولديك إمكانات وطاقات رائعة..
مكثت أحفزه وأشجعه على الاستمرار في لعبته.. جلس حائرًا, تائهًا أمام الطاولة.. ينظر إلى قطع البازل المتناثرة حوله..
ثم أخذ قراره لأول مرة:
سيترك هذه اللعبة ..
فعليه أن يلعب لعبة يفهمها مع أنه يحب لعب البازل
لكن أحدًا لم يخبره( كيف يبدأ )؟
وإلى( أين سينتهي)
بدأ في جمع القطع ليضعها في الكيس البلاستيكي
لفت نظره علبة في ركن الغرفة ذهب والتقطها بيديه الصغيرتين فوجدها صورة كاملة لقطع البازل التي كان يلعب بها شيء جال بخاطره في تلك اللحظة
لو أن أمي أوضحت لي الصورة كاملةً من البداية
لكنت أحببت اللعب
ولكنت أكملت اللعبة حتى النهاية
## طيب ممكن نقول هيه دي الاستفااااده##
الصورة الكاملة.. ووضوح رؤية من الصعب أن تبني شكلاً من قطع البازل دون أن تتعرف على الصورة الكاملة أولاً، ومن الصعب أن تبذل جهدًا في التربية دون أن تبذل نفس الجهد في توضيح الرؤية والصورة الكاملة من الغاية والهدف.
كثير من الآباء والعاملين في مجال التربية يقفزون على هذه الخطوة، ويسرعون في تربية الابن أو المتربي على مناهج وقيم وأسس وقواعد وأصول؛ ليصل إلى النموذج المطلوب للمسلم الملتزم.
ويغفل الكثيرون أهمية توضيح الرؤية والغاية للعمل أو للطريق الصحيح، أو ربما لا يعطي لتلك الخطوة حقَّها. ثم يشتكي المربُّون والآباء خصوصًا من أن الابن أو المتربي يتفلَّت في منتصف الطريق، ولا يُجدي معه كل المناهج التربوية التي بذلوها معه، وكأن المتربي قد دُفع دفعًا لتكوين شكل صورة من قطع "البازل" دون أن يدرك الصورة كاملةً فلم يستمتع باللعب ولا بالبحث عن غيرها كي يكمل المسير.
******************
منقووووووول واتمنى انه ينال اعجابكم
[b][right][center]